ما هو سر السعادة في الدنيا: السّعادة هي العنصر الأساسي في الحياة الذي يبحث عنه
الجميع لينعم بالعيش بصفاء، فمن منا لا يبحث عن سر السّعادة.
إن البحث عن السّعادة هو ما يشغل بال الكثيرين، فمنهم من يصل إلى فهمها والوصول إليها باكراً.
تعريف سر السعادة:
السّعادة شعور قلبي، لا يمكن أن يشعر بها أحد عن غيره، وأن يمنحه إياها، كما هي العادة في الأمور
الماديّة الأخرى، وقد جعل الله للسّعادة أسباباً يبحث عنها ويطلبها ويسعى إليها.
كما أن السّعادة ليس شيئاً ينهب كالمال أو شيء يقدّم على طبقٍ من ذهب، إنما سر السّعادة
يكمن في الفرح والسرور الذي يصل إليه الإنسان.
يصف البعض السّعادة بأنها العيش بحب ووئام وفرح مدى الحياة، وهناك من يعرّفها
بأنها الرضا بما يعيش أحدهم ويشعر وما يكسب.
يقولون بأن السّعادة هي الشعور بالطمأنينة، السكينة وتعلّق الروح بخالقها وانجذابها
إلى معاني التقرّب بالله والتعرّض إلى نفحات الأنس به.
ما هو المعنى الحقيقي لسر السعادة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(﴿منْ عَمِل صالحاً منْ ذكرٍ وأنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينهُ حياةً طيبة﴾)
صدق الله العظيم
سورة النحل -97
لا بد أنّك عند قراءة هذه الآية من القرآن الكريم يذهب عقلك مباشرةً إلى أن الحياة الطيّبة
هو نعيم الآخرة ذاك الذي تحدّث عنه الله في كتابه، وتكلم عنه سيدنا محمد في مناسباتٍ شتّى،
نعيم وأجر المؤمن القائم الصائم المحافظ على دينه وخلقه جزاءً له في الآخرة.
بل إنها تدل على سر السعادة التي يخلفها الرضا والاتصال بالله تعالى في الدنيا قبل الآخرة،
فهي ليست المفهوم الشائع المتمثّل بالاستقرار المادي والقدرة على امتلاك أي شيء.
إن الحياة الطيبة التي ينالها المرء من عمله الصّالح هي حياة السلام الداخلي،
فلا يجد سخطاً في قلبه على ربه، ولا حسداً للخلق ولا غلاً يملأ قلبه تجاه الآخرين.
ما يعني أن السّعادة هي الرضا التام المصاحب للإيمان بالله والعمل بسنّة النبي ﷺ
في الدّنيا للنجاة في الآخرة والفوز بالجنة.
هل الرضا بما قسمه الله هو سر السعادة؟
- الدنيا مليئة بالأشياء التي لا تستهويها والبلاءات التي لا يرغب أحد منا أن تلامس محيطه، أو حتى الأشياء السيّئة التي لا يرغب أحدٌ أن تخطو اتجاه أحبابه.
- إنّ معنى الرضا لا يقتصر على الرضا بالأشياء السّعيدة فقط إنّما يمتد ليصل إلى التفكير الإيجابي بما يمر علينا من منغّصات الحياة وسوء الحال.
- إن كل معاني السّعادة تصبّ في الرضا بعطاءات الله سعيدة كانت أم حزينة،
- والابتعاد عن الغضب والسّخط على ما كتبه الله علينا.
- “ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس” (رواه بن مسعود وأخرجه أحمد والترمذي)،
- كما قال الرسول صلى الله عليه وسلّم فالرضا هو المعنى الحقيقي للسّعادة
- بكل ما ترميه الدنيا علينا والفرح بكل عطايا الله.
كيف يحصل الإنسان على سر السّعادة؟
وهو أكثر سؤال يراود أذهان الجميع جاعلاً أغلبنا في حيرة، فليست شيئا يشترى أو يباع
أو ينال كثر مالٍ أو جاه وقد جعل لها أسباباً نذكر عدداً منها:
أن تكون قويّ الإيمان:
عندما نتحدّث عن قوّة الإيمان فلسنا نتحدّث هنا عن شيء يسير فعله، أن تكون مسلماً
لا يعني أن تكون مؤمناً فالإيمان شيء والإسلام شيء آخر،
إلا أنّ الإيمان هي البذرة التي يسقيها فينا الإسلام ليحيي فينا إنسانا قوياً قلبه صلبٌ بنيته.
عندما يكون المرء منّا قوي الإيمان يعني ذلك تأهّبه لاستقبال جميع المصائب بسكون ورضا بكل الأحوال التي تمر به من نوائب الدّهر ومسرّات العمر.
ولا يكون أحدهم قويّ الإيمان دون أن يكون صالح العمل، ملتزماً بالأوامر، ممتنعاً عن النواهي، مبتعداً عن فعل السوء، متوكلاً على الله، عندما تكون متعرّفاً إلى الله جيداً ستكون قوي الإيمان حقاً وستعرف سر السّعادة أيضاً.
العمل الصّالح:
إن القيام بما كتبه الله علينا بغية الوصول إلى رضاه والفوز بالجنّة هو أحد أهم أسباب السّعادة.
إن الانشغال بما ينفع الناس ويرفع شأن الإنسان فكرياً واجتماعياً لا شك هو من أسرار السّعادة،
حيث ينشغل القلب بفعل الخير ويبتعد عن الشّر وهذا فيه شكل من أشكال انشغال القلب عن الخوف من المستقبل والابتعاد عن التّوتّر والحزن.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إنَّ الذين قالوا ربنا اللهُ ثم استقاموا تتنزلُ عليهمُ الملائكةُ ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ۞ نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ۞ نزلاً من غفور رحيم ﴾ الصافات (30-31-32)
صدق الله العظيم
فكما أشارت الآيات الكريمات إلى أن الله يحوط عباده الصّالحين بكل أنواع السّكينة،
ألا حزناً يصيبهم، ولا همّاً يجدونه في حياتهم ما داموا يعملون الصّالحات.
الإحسان:
إن في السّعي في هموم الناس أحد معاني الإحسان، ويدخل في الإحسان بر الوالدين، صلة الأرحام، إكرام الضّيف ومساعدة الفقير.
من يصنع الإحسان دائماً في سبيل الله، فيزيل عن قلبه الكدر، و يحبسه عن المعاصي ويسوق الله إليه الخير الكثير، فيرسل له من يعينه في نوائب الدّهر.
العطاء:
من أحد أسباب كسب المال الإنفاق فيما يرضي الله على الفقير والمسكين والمحتاج وأولي القربى كذلك.
يقول الله تعالى في كتابه بسم الله الرحمن الرحيم
(﴿الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذىً لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾) البقرة -262
صدق الله العظيم
في هذه الآية تجد المعنى الذي يبحث عنه الكثيرون، فعند البذل من المال لغير غرض منفعة لا يطلبون من ذلك لفت الأنظار أو الرياء فإن الله وعدهم بالأجر وأن الله يحفظه من كل خوفٍ أو حزن.
عدم مقارنة نفسك بالآخرين:
إن النّظر إلى المال الكثير الذي يكسبه أصحاب الغنى وكذلك السّعادة التي تلفهم،
ونظرة المريض إلى أصحاب الصحة نظرة التمني والحسد هو أحد الأسباب الجالبة للحزن والبؤس والكآبة.
وإن مقارنة نفسك بالآخرين لا يورثك إلا إحساساً بالظلم وغياب العدالة، كما أنه يزعزع ثقتك بنفسك وذلك أبعد ما يكون عن الإيمان السليم.
إن الرضا بما رزق الله ورؤية القليل كثيراً هي أحد الأشياء التي حثنا الإسلام عليها، فتجد أغلب الراضين سعداء.
التوكّل على الله والثّقة به:
إن العمل بمفهوم الثّقة بالله يورث في مجمله سعادة لا يذوقها أي أحد،
حيث أن سر السعادة يكمن في توقع كل الخير من الله والسّكون إلى قضائه وحكمته في كل البلاءات التي يسيرها الله للإنسان ليقوّمه ويعيده إلى جادة الصواب.
كما أن التوكّل على الله يورث في القلب طمأنينة بأن الله لا يضيع عبداً وكّل أمره إليه ورمى بخوفه على أمن التوكل بالله.
الاتصال بالله تعالى:
إن السّعادة في مفهومها الخاص تكمن في اتصال القلب بالله والتعلّق به والرغبة إليه عمّا سواه، حيث الطمأنينة والسكينة المنشودين لكلّ إنسان.
إن القلب الذي اتصل معناه بالرّوح هو الذي يطمئن ويسكن إلى ذكر الله والصلاة، الخشوع، والمناجاة والدعاء.
وقد أوصى الكثير من علماء الدين الإسلامي بقراءة القرآن، إذ أن القرآن أحد أكثر الأسباب التي توصلك إلى الرّاحة النّفسية والابتعاد عن الاكتئاب والحزن خاصة عندما تجد في قلبك كيف أن الآيات تصبّ الطمأنينة والسكينة في القلب صبّاً.
وفي الختام، إن كل ما سبق من معانٍ تصبّ في مكان واحد، إن سر السّعادة في الدنيا ليس إلا الاتصال بالله والتمسّك به والرّضا عمّا قدّر وقضى، فاحرص على أن تغنم نجاح الدنيا والآخرة فتحصل على سعادة الدارين.