سعد الدين و الغولة
كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، كان هناك ملك يعيش في قصره عيشة هنيئة ولديه من الأولاد ثلاث صبيان
أسماؤهم بالترتيب هي سعد الدين وبهاء الدين وسراج الدين ولم يكن لديه بنات إناث، وكانت الملكة تتمنّى أن يكون لها إبنة تؤنس
وحشتها و تدعو الله في كلِّ الأوقات كي يرزقها إبنة جميلة تكن لها ونيسة وتختم أمومتها بها.
العثور على الغولة
بعد مدّة من الزمن وأثناء سير الملكة في الغابة سمعت صوت بكاء طفل فأمرت الحراس باستكشاف الأمر
وإذ بهم قد وجدوا رضيعة تبكي ولكن هذه الرضيعة ليس لها هيئة البشر باستثناء صوتها فقالت الملكة أحضروها لي،
حاول الحراس إقناع الملكة بأنه هناك إحتمال أن تكون الطفلة عائدة لأحد الوحوش وبأن جلبها سيكون خطراً إلّا أنه إصرار الملكة
على إحضار الطفلة وضعهم تحت الأمر الواقع وقاموا بإحضارها.
شعرت الملكة بأن هذه الرضيعة ستغنيها عن الدنيا وبدأت بالعناية بها وإطعامها وعندما كبرت هذه الفتاة قليلاً
أصبحت شرسة وعدائية بالتعامل مع الجميع وخصوصاً أخوتها الشباب فأطلقوا عليها اسم (الغولة).
اكتشاف الغولة
وكان لدى الملك قطيع من الأبقار والأغنام يقوم برعايتهم مجموعة من الرعاة،
يخرجون بهم للرعي نهارا ويقومون بإحصاء عددهم مساءً قبل إعادتهم إلى الحظائر، لاحظ أحد الرعاة
بأن القطيع ينقص كل يوم خاروف فدقق في الأمر فاكتشف أن النقص يحصل في حظائر القصر.
قام الراعي بإخبار خادم القصر وخادم القصر أخبر مدير البلاط
إلى أن وصل الخبر للملك، طلب الملك من أحد أولاده بمراقبة الحظائر فسهر سراج الدين وكانت ( الغولة ) تراقبه،
وعندما غلب النعاس( سراج الدين) نام فقامت (الغولة) بذبح شاة وقامت بأكلها وعادت لغرفتها وكأن شيئا لم يكن.
في اليوم التالي قام الراعي بعد القطيع وإذ به نقص شاة فطلب الملك من إبنه الثاني كي يسهر وبالفعل قام بهاء الدين
بالسهر وعندما غلبه النعاس نام فقامت الغولة وذبحت بقرة وأكلتها ونامت.
وفي الصباح قام الراعي بعد القطيع ووجد أنه ينقص بقرة وعندها قال سعد الدين وهو الولد الأصغر قال أنا سأكشف السارق،
وبالفعل سهر وعندما أدركه النعاس قام بغسل وجهه بالماء وشاهد (الغولة) تقوم من السرير وتذبح خاروف وتأكله وتنام.
في اليوم التالي أخبر سعد الدين أهله بما شاهد فكذبت الملكة كلام إبنها ودافعت عن ابنتها ( الغولة )
وقالت له اخرج من القصر ولا تعد إليه حتى تبرأ أختك من هذه التهمة.
سعد الدين والعجوز
خرج سعد الدين يسير في الأماكن العامة ووجد سيدة كبيرة بالعمر تحمل أثقالاً فحمل عنها
الأغراض وأوصلها إلى منزلها فدار بينهم الحوار التالي:
العجوز: هل أن جائع
سعد الدين (بخجل): نعم
العجوز: سأعدّ لك بعض الطعام
سعد الدين: مع من تسكنين؟
العجوز: أسكن بمفردي مع هذه الغنمات أرعاهم على سطح المنزل
سعد الدين: أيلزمك راعي لغنماتك؟
العجوز: ولكن ليس لدي مال لأعطيك
سعد الدين: لا بأس يكفي أن أنام هنا وتطعميني مما تأكلين…
قبلت السيدة العجوز بعرض سعد الدين
سعد الدين: كم تنتج الغنمات من الحليب؟
العجوز: يكفيني كي أتغذى ولا أحتاج أحد
سعد الدين : إن شاء الله سيتغير الوضع نحو الأفضل
العجوز: يابني لاتذهب إلى وادي الذئاب ولا إلى وادي الأسود
سعد الدين: لماذا يا خالة؟
العجوز: لأنهم يقومون بأكلك
سعد الدين في وادي الذئاب والأسود
في اليوم التالي ذهب سعد الدين إلى وادي الذئاب وكانت هناك أنثى الذئب تلد اقترب منها وطلبت منه مساعدتها
في الولادة بمقابل السماح لقطيعه بالرعي في وادي الذئاب ساعدها وعند ولادة أول مولود قام بتخبئته
تحت عباءته وعند عودته للمنزل أخرج سعد الدين صغير الذئب،
وقال للعجوز: أرجو أن تهتمي بهذا الصغير، قالت له حسناً وذهبت لحلابة الغنمات فوجدت أن إنتاج الحليب تضاعف وزاد.
في اليوم التالي ذهب إلى وادي الأسود وكانت هناك اللبوة تلد اقترب منها وطلبت منه اللبوة
مساعدتها في الولادة بمقابل السماح لقطيعه بالرعي في وادي الأسود.
ساعدها سعد الدين وعند ولادة أول مولود قام بتخبئته تحت عباءته وعندما عاد أخرج سعد الدين
الشبل وقال للعجوز أرجو أن تهتمي بهذا الصغير، قالت له حسناً وذهبت لحلابة الغنمات
فوجدت أن إنتاج الحليب تضاعف وزاد وأصبحت تبيع لجيرانها والجوار.
بعد عدة سنوات قرر سعد الدين أن يتقصّى أخبار أهله فاشترى خاتماً وألبس العجوز هذا الخاتم وقال لها عندما يضيق هذا الخاتم على اصبعك إعلمي أني في ضائقة، فكي وثاق الذئب والأسد وقولي لهم صاحبكم في ضيق إذهبوا إليه ووضع برقبة كل منهما جرس.
سيطرة الغولة على القصر
وبالفعل عاد سعد الدين إلى قصر أبيه فلم يجد أحد في القصر كله إلا (الغولة) فقد قامت بأكل كل القطيع
وكانت ستأكل من في القصر ولكنهم هربوا إلى القرية المجاورة وبقيت (الغولة) في القصر وحدها.
وعندما دخل سعد الدين القصر وجدها تطارد ديك وهو الذي بقي من حيوانات حظيرة القصر،
فقال لها انتظري انا اصطاده لك فقام باستلال القوس واصطاد الديك فقامت بالتهامه كالوحش.
وعندها تأكد سعد الدين أنه لم يظلمها قالت له أريد أن أطلب منك طلباً قال لها ماذا تريدين
قالت أريد أن آكلك وأرادت الانقضاض عليه ولكنه قال لها سأسمح لك بإلتهامي ولكني أريد الاستحمام
أولاً قالت له حسناً سأسخن لك ماء الاستحمام فقال لها: أنا بانتظارك على سطح الاسطبل.
وفي هذه الأثناء قام بتعبئة كيس من الرمل، وعندما نادت له بأن ماء الاستحمام أصبح ساخناً
نظرت للأعلى فقام برمي كيس الرمل في عيونها وبقيت مدة طويلة حتى نظفت عينيها إلا أنها استشاطت غضباً فقام بالهرب
منها وذلك بتسلق إحدى الأشجار التي كانت بجانب القصر.
بحثت عنه طويلاً فلم تجده وعندما اقتربت الشمس من الغروب رأت ظلّه على الأرض فعلمت مكانه وبدأت بنشر الشجرة.
القضاء على الغولة
في هذه الأثناء ضاق الخاتم بإصبع المرأة العجوز فقامت بفك وثاق الذئب والأسد وقالت لهم صاحبكم في ضيق أنقذوه وبالفعل انطلقا باتجاه صاحبهما.
وعندما همّت (الغولة) لإيقاع الشجرة وإيقاع سعد الدين معها قال لها سعد الدين اسمعي هناك قطيع من الجمال اسمعي صوت الأجراس قالت له ابق مكانك كي أتأكد وعندما اقتربت منهم معتقدة أنهم قطيع من الجمال هجم الذئب والأسد عليها ورغم كل مقاومتها قاما بافتراسها.
العبرة من القصة
قام سعد الدين بعدها بالبحث عن أهله ووجدهم هاربين إلى ملك البلد المجاور، وقالت الملكة معتذرة أنا لم أعتقد أن أكون قد خدعت بمظهرها لهذه الدرجة فقام سعد الدين وقبّل يدها وقال لها جلّ من لا يخطئ يا أماه ولكن فلندع ماحدث درساً بأن لاتخدعنا المظاهر مهما بلغ تعاطفنا مع الطرف الآخر.
نهاية سعيدة
وعاد الملك والملكة وأبنائهم سعد الدين وبهاء الدين وجوهر الدين للعيش في القصر وأقاموا حفلاً ضخماً دعوا إليه الملك الذي لجأوا إليه وقد حضر مع زوجته وإبنته الأميرة الجميلة التي أعجبت الأمير سعد الدين وقام بخطبتها وأقام حفل زفاف استمر لسبعة أيام بلياليها وعاشوا حياةً هنيئة وأنجبوا البنين والبنات.
وهكذا تنتهي قصة سعد الدين والغولة