المناخ والبيئة و جائحة كورونا،
هل فعلاً أثرت جائحة كورونا على المناخ و البيئة ؟
بعد أكثر من سنة على اجتياح فيروس كورونا العالم بدا من الواضح تأثير هذا الفيروس على مستوى المناخ و البيئة،
فبسبب التناقص الملحوظ للرحلات الجوية و التنقلات البرية و البحرية و كذلك تقلص الأنشطة الصناعية و التجارية،
لوحظ انخفاض في مستوى التلوث سواء تلوث الهواء البحار و كذلك الانهر في أغلب البلدان.
حيث ساهمت الإجراءات المتخذة في الحد من انتشار فيروس كورونا في إنخفاض مستوى تلوث
الجو وصل إلى خمسة وعشرون بالمائة،
نتيجة انخفاض انبعاثات الكربون من محركات الطائرات السيارات و المصانع و ساهم ذلك ليس فقط
في انخفاض نسبة التلوث بل في إنقاذ عدد كبير من الكائنات الحية المتضررة بسبب تلوث البيئة.
في السنوات الأخيرة عرفت منظومة البيئة و المناخ تغيراً كبيراً،
و ظهر ذلك من خلال ظهور الأعاصير و الفيضانات و كذلك الارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة و الجفاف.
وأدى ظهور و انتشار فيروس كورونا في بداية السنة الماضية إلى فرض دول العالم حظراً في المجال الاقتصادي
و التنقلات و كذلك الملاحة الجوية و البحرية،
بالإضافة الى الغلق المؤقت لمعظم المؤسسات الصناعية الى الحد من انتشار فيروس كورونا ، وقد
كان لهذا الحجر الصحي ايضا دورا كبيرا في تخليص العالم من نسبة كبيرة من تلوث البيئة
تأثيرات كورونا على المناخ
بالرغم من أن وباء كورونا كانت له أضرار على الاقتصاد العالمي و وفاة عدد كبير من الأشخاص حول العالم ،
إلا أن حظر التنقل و الأنشطة الاجتماعية لعدة أشهر، مكننا من إنقاذ كوكب الأرض من عواقب التلوث البيئي
الذي يعرف تزايداً كبيراً في عصرنا الحالي.
ولقد كشفت وكالة ناسا الامريكية عن انخفاض كبير في نسبة انبعاث ثاني اكسيد النيتروجين في الصين، و هذا الغاز
الملوث للجو ينتج خصوصا عن استعمال الوقود الاحفوري في المصانع ، و تعتبر الصين من اكثر البلدان مساهمة
في ارتفاع نسبة التلوث في العالم
كما لوحظ أيضاً بواسطة الأقمار الاصطناعية تقلص نسبة التلوث في إيطاليا،
و لوحظ أيضاً إنخفاض تلوث المياه في فينيسيا الإيطالية بسبب انخفاض تنقل عدد القوارب في أحياء المدينة
العائمة بسبب توقف السياحة.
بل و أيضاً لوحظ تواجد عدد كبير من الأسماك من جديد في مياه فينيسيا الإيطالية بعد اختفائها من مياه
و قنوات المدينة منذ سنوات طويلة.
ووصل مستوى ثاني أكسيد النيتروجين إلى أدنى مستوياته بسبب حظر التجوال الذي فرض أثناء انتشار فيروس كورونا.
أما فيما يخص الولايات المتحدة الامريكية و التي تعتبر من بين أكبر الدول المصنعة و المسببة في تلوث البيئة،
فلقد لوحظ انخفاض كبير في نسبة انبعاثات الغازات الملوثة للجو جراء إنخفاض الأنشطة الصناعية خلال الفترة
المتزامنة مع ارتفاع انتشار فيروس كورونا و فرض حظر التجوال
بالإضافة إلى انخفاض نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر من بين أبرز الغازات
المسببة للاحتباس الحراري،و ذلك من خلال إنخفاض استهلاك المحروقات على مستوى العالم،
و قد ساهم أيضاً إغلاق بعض الدول للمطارات و الأنشطة السياحية إلى تراجع كبير في نسبة تلوث البحار
و المناطق الطبيعية نتيجة غياب جميع الأنشطة السياحية المسببة له.
الحياة و المناخ ما بعد جائحة كورونا
أكد الباحثون الاقتصاديون ان الرجوع الى النمط المعتاد للحياة الطبيعية بعد إيجاد لقاح كورونا
و تطعيم أكبر قدر من الأشخاص،
سوف يمكن الدول الصناعية من الرغبة في إنقاذ الاقتصاد و النهوض به من جديد،
مما سوف يسبب في عودة الغازات المسببة للتلوث البيئي و الاحتباس الحراري الى الارتفاع من جديد
و من المعتقد أن إنخفاض نسبة التلوث التي يشهدها العلم مجرد مرحلة عابرة سوف تزول بعودة الانشطة
البشرية و الصناعية إلى التسارع و التنافس على الإنتاج من جديد
كما أكد النشطاء في مجال البيئة أنه بسبب جائحة كورونا و ما تسببت به من أزمة اقتصادية عالمية تم إلغاء
جميع المؤتمرات العالمية للبيئة،
و كذلك انخفاض الاستثمار في مجال الطاقات البديلة مما أثر سلباً على وتيرة التقدم في مجال الطاقة الخضراء.
بسبب ما حدث نتيجة جائحة كورونا يجب علينا اعادة التفكير في ما قد يسببه التسابق نحو التصنيع
و التنقل و استهلاك الثروات الطبيعية
ورغم تراجع مستوى التلوث البيئي نسبياً في الفترة الأخيرة بسبب تقليص الأنشطة البشرية،
فإن هذا يبقى غير كاف و يجب أن نستوعب أن من واجب كل فرد في المجتمع التقليص
من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري و التلوث البيئي،
و ذلك بتغيير عاداتنا و التقليل من السفر و استعمال السيارات و التسابق نحو اقتناء احدث التكنلوجيا.
السياحة وجائحة كورونا:
و تمثل السياحة أيضاً عاملاً أساسياً في التلوث البيئي بسبب الانبعاثات الغازية
نتيجة ارتفاع عدد الرحلات الجوية و البرية،
و كذلك الأنشطة السياحية التي تلوث بيئة الشواطئ و المناطق الطبيعية.
لذا وجب علينا التفكير جميعاً و التقرير قبل العودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية من جديد، فللعيش
في بيئة خالية من التلوث و مناخ آمن يجب علينا تغيير عاداتنا التي تضر بالطبيعة،
و تسبب الكوارث الطبيعية و تغير المناخ ، و نبقى نحن كجنس بشري يعيش
على هذا الكوكب المتضرر الأكبر من ذلك.
من الضروري تغيير نمط حياتنا بعد الخروج من دوامة جائحة كورونا،
و من مصلحتنا كجنس يصارع للبقاء فوق هذا الكوكب أن نتضامن و نوحد جهودنا لإنقاذ كوكبنا و مواردنا
الطبيعية التي تعد في طور الاندثار.
لقد لعبت جائحة كورونا و تداعياتها التي تسببت في حظر التجوال في تعليمنا أن الطبيعة ممكن
أن تعود إلى سابق عهدها و أن تصلح أخطائنا المدمرة لها في وقت وجيز،
لذا فمن واجب كل فرد على حدى المساهمة في تقليل التلوث الذي يضعف منظومة البيئة و باتخاذ
قرارات جذرية فيما يخص وتيرة تنقلاتنا و سفرنا و استهلاكنا المبالغ فيه للأطعمة و الملابس و التكنولوجيا و السفر.
حلول مقترحة لتقليص التلوث البيئي بعد جائحة كورونا
تسببت كورونا بأزمة اقتصادية عالمية مما دفع بعض الدول بتخضير استراتيجيات تنص على
زيادة وتيرة التعدين و الصناعة بعد الخروج من ازمة كورونا ، وذلك للتخلص من اعباء الديون جراء التدهور
الاقتصادي بسبب جائحة كورونا
هذا التسارع و التسابق نحو النمو الاقتصادي و الصناعي قد يتسبب من جهة اخرى الى الرفع من نسبة التلوث
البيئي الى نسبة تفوق ما كان عليه قبل ازمة كورونا
لذا فمن واجبنا كأفراد المساهمة و لو بقليل في تغيير عاداتنا الاستهلاكية و الانشطة البشرية للتقليص
من التلوث البيئي ، و بتقليص مستوى الاستهلاك سوف تكون الدول المصنعة مجبرة على الاعتدال
في انشطتها الصناعية و الالتزام بالتصنيع في حدود الطلب
وسوف يساعد هذا أيضاً في تقليص استهلاك الموارد الطبيعية كالمياه و الغابات مما سوف يكون له
أثر إيجابي على الحفاظ على البيئة و المناخ.
و لقد ممرنا خلال جائحة كورونا بتجربة فريدة من نوعها اكسبتنا خبرة كبيرة في التقليص من الإستهلاك
و كذلك الحد من التنقل و السفر،
فلقد مكنت جائحة كورونا من خلق حلول لشتي المجالات فأصبح العمل من المنزل و إجراء الاجتماعات،
و كذلك الدراسة من المنزل و التبضع عبر الإنترنت يمثل نمط حياة جديد عوض عن التنقل يومياً ذهاباً وإياباً
للمدرس و العمل و الأسواق و كذلك المطاعم و المقاهي،
مما قلص بشكل كبير من التنقلات اليومية للأفراد و جعلها شبه منعدمة، الشيء الذي لعب دوراً مهماً
في تقليص نسبة الغازات المنبعثة من محركات السيارات و الباصات في المدن.
خلاصة:
وبالعودة الى نمط الحياة الطبيعي مع تراجع نسبة تفشي وباء كورونا، أصبح من السهل التفكير في إيجاد حلول للحد أو تقليص عدد التنقلات اليومية،
لأن التجربة خير برهان و مساهمة جائحة كورونا في تغيير نمط حياتنا جعلنا نستوعب أن من الممكن تعويض النمط السريع للحركة و التنقل داخل المدن و خارجها و بين البلدان ممكن أن يتقلص بسهولة بالعمل على حلول بديلة تعوضه.
ويعد التقليص من استعمال الوقود الأحفوري و البترول و تعويضهم بالطاقات البديلة
كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح و بذل استثمارات في هذا المجال،
ومن بين أهم الحلول التي يجب التركيز عليها في هذه الفترة لما قد تمثله من حل جذري
لإنقاذ العالم و البيئة من التلوث على المدى البعيد.