أثر الانحراف على الفرد و المجتمع:
يمكننا تعريف الانحراف و بالاعتماد على علم الاجتماع على أنه السلوكيات
والأفعال التي تتجاوز كافة المعايير الاجتماعية والأخلاقية ويمكننا أخذ مثال على ذلك قيام أحد الأشخاص بعمل إجرامي شنيع كالقتل مثلاً.
وهناك بعض الأفعال الانحرافية التي تبدو أسهل وأبسط كرفض والتمرد على عادات وتقاليد وأعراف مجتمع محدد يعيش فيه الإنسان.
عند المقارنة بين حالتي الانحراف السابقتين يمكننا أن نستنتج بأن الانحراف المتمثل بالقتل هو فعل سلبي عند كافة الأشخاص والمجتمعات.
أما الفعل الثاني قد يكون إيجابي في كثير من الحالات لأن أغلبنا يتفق على أن العادات والتقاليد التي يقتنع
بها مجموعة من الناس قد تكون بالية وقديمة ولا تصلح لكافة الأزمنة لكنهم قاموا بتجميد تفكيرهم والتزموا
بهذه العادات والتقاليد دون أن يحاولوا تشغيل عقلهم لبعض الوقت.
بعبارة أخرى يمكننا القول أن أثر الانحراف قد يكون سلبي وقد يكون إيجابي وهذا بالتأكيد له دور وتأثير
كبير على الفرد بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام وفي هذه المقالة سنقوم بالتحدث عن كلتا الحالتين
لكننا بداية لنتعرّف على بعض الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف.
بعض الأسباب التي عادةً ما تكون نتيجتها الانحراف:
ونقصد هنا الانحراف ذو المعنى السلبي حيث أن السبب الذي يساعد على الانحراف هو بكل بساطة عملية
فشل في تعلّم بعض القواعد فما هو سبب هذا الفشل.
في الماضي كانت المؤسسات الاجتماعية تعلّم القواعد على أساس إطاعة الأعراف والتقاليد، لكن اليوم
أصبحت هذه المؤسسات تسعى إلى تطوير شخصية الفرد وتحتضن الشخص وتبحث عن الخلل الذي قد يساعد
على الانحراف من أجل معالجته قدر الإمكان وسنذكر بعض من هذه الأسباب.
الأسرة والنشأة الاجتماعية للإنسان:
فالإنسان أسرته هي أصغر وأول بيئة اجتماعية يتواجد فيها فالآباء والأمهات يلعبون دور كبير في تنشئة الطفل
والأخوة والأخوات أيضاً يؤثرون على الطفل ولكنهم يأتون في الدرجة الثانية بعد الآباء والأمهات.
ونستنتج من هذا الكلام أن غياب الأسرة يعني فشل أو مؤسسة اجتماعية يتواجد فيها الإنسان فقد يغيب
دور الأسرة بسبب طبيعي مثل وفاة الوالدين أو أحدهم أو لسبب صناعي كحالات الطلاق التي عادةً
ما يكون الطفل هو الضحية الوحيدة في هذه الحالة.
بالإضافة إلى حالات الوفاة والطلاق هناك حالات فساد الأب والأم الذي يكون أخطر من غيره على الإنسان وهو النوع الشائع في مجتمعاتنا فتواجد بعض الصفات والسلوكيات عند الأب والأم لن يساعد في تغييب دور الأسرة فقط بل سيؤدي إلى لعب الأسرة الدور السلبي وسيشجع الإنسان على الانحراف.
ومن هذه السلوكيات الشنيعة المقامرة والنشل والسرقة والكذب والإساءة للآخرين فهذا بحد ذاته هو انحراف الأبوين وهذا أحد آثار الانحراف على المجتمع.
فعندما يعيش الإنسان مع أشخاص منحرفين بالأساس سيعتقد أن سلوك الانحراف هذا هو السلوك الصحيح فإذا ما رأى الطفل والده يسرق سيعتقد أن سلوك السرقة هو السلوك الطبيعي والصحيح للإنسان.
وجود نقص في التربية والإرشاد الديني:
فبعد الإطار الاجتماعي الذي توفره الأسرة سيكون المسجد والتعليم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
هو الإطار الاجتماعي الذي يساعد على تقويم سلوك الفرد والحد من حالات الانحراف.
فالتوجيهات التي يأخذها الإنسان من الدين تسعى إلى إصلاح المجتمع وتدعو إلى الخير وإذا ما تم تطبيق هذه التعليمات
يكون من الممكن الحصول على مجتمع صحي وأفراد بنّاؤون واعدون بالمستقبل الزاهر.
لكن هناك بعض الأشخاص الفاسدين الذين يستغلون الدين من أجل توجيه المجتمع بشكل يخدم مصالحهم وهذا له
تأثير خطير على المجتمع بالإضافة إلى الإساء المباشرة للدين بحد ذاته.
تأثير الحي الذي يسكن فيه الإنسان:
فالحي عادةً ما يتكون من عدد من المنازل التي تكون بجوار بعضها البعض وذلك من أجل تلبية احتياجات المعيشة الاجتماعية وبالتالي أول ما يخرج الطفل من منزل والديه سيكون إلى الحي الذي يتواجد فيه منزله.
أي أن الحي هو الإطار الاجتماعي الثاني الذي يؤثر على سلوك الفرد وفي الأحياء التي يتم بناؤها بشكل عشوائي تكثر مظاهر الانحراف وحتى الشخص الذي يسعى إلى الحفاظ على نفسه وعلى عائلته من الانحراف سيقوم ببذل الكثير من الجهد من أجل ذلك.
لهذا السبب عندما يقبل الأب والام على الزواج فأول أمر يهتمون به أنه أين سيختارون منزلهم وما هو الحي الذي سيربى فيه أولادهم لما له من تأثير كبير على الإنسان وسلوكه.
وسائل الإعلام المتوفرة:
وهذا من الأسباب الشائعة في هذا الوقت وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً أصبحت تقود العالم بكامله فعند
تواجد بوست مثلاً على الفيس بوك سيتناقله الناس وسينتشر بشكل يشبه تكاثر الفيروسات أي بسرعة عالية
بعدها تبدأن الناس بالحديث عن محتواه فالبعض سيتبنى الرأي الموجود في هذا البوست دون التفكير ودون
البحث عن المصدر الذي قد يكون مصدر موثوق ومن الممكن أن يكون مصدر تابع لأشخاص لهم أهدافهم الخاصة في نشر هذا البوست.
وهذا سيؤثر في كثير من الحالات على أفكار الفرد وسلوكياته فالحماية من وسائل الإعلام الموجودة تحتاج
إلى الكثير من التوعية والكثير من الجهد فقد أصبحت في متناول الصغير والكبير، الشخص المثقّف والواعي والشخص المحدود التفكير.
ومن خلال هذه الأسباب يمكننا استنتاج بعض الآثار التي يسببها الانحراف والتي تكون مؤثرة على الفرد والمجتمع.
أثر الانحراف على الفرد:
جميعنا ندرك أن الشخص المنحرف لن يعيش حياة طبيعية ومستقرة حيث أن حياة الإنسان لن تكتمل إذا ما كان شخص منحرف وسيبقى يشعر بالنقص اتجاه الآخرين.
عدا عن أن المجتمع والمحيط سيرفضه وسينبذه لذلك فإذا ما وجد الإنسان مؤسسة أو إطار يحتضنه سيبقى يعي في تخبّط ومتاهة لن تنتهي أبداً.
أثر الانحراف على المجتمع:
الفرد هو النواة التي يتشكل منها المجتمع فإذا ما صلح الفرد صلح المجتمع فما هو رأيك في حال كثرة الأشخاص المنحرفين سيفسد المجتمع عندها وستصبح العادات والأخلاق السيئة م الأمور الشائعة والتي تتحول إلى روتين يومي في حياة الجماعة.
والاسوأ من ذلك كله سيكون الإنسان الصحيح ذو السلوكيات المستقيمة هو الشخص الغلط في رأي المجتمع الفاسد وهذا بدوره سيؤثر على نفسية هذا الإنسان الذي اختار الطريق الصحيح لحياته وسيكلّفه هذا الأمر الكثير من الجهد من أجل أن يبقى في طريقة المستقيم وهذا إذا ما استسلم وتماشى مع سلوك المجتمع المنحرف.
وفي النهاية يمكننا الجزم بأنه يجب حماية المجتمعات من الانحراف قدر الإمكان من خلال المؤسسات الاجتماعية التي يكون لها دور بنّاء في هذا الأمر ويجب وضع إجراءات تساعد على الحد من الانحراف ويجب تنفيذ هذه الاجراءات بكل مبكر لأن فساد المجتمعات يحدث بسرعة كبيرة ويكون من الصعب جداً معالجته.
فالمجتمعات المنحرفة هي من الكوارث التي تؤثر على البشرية والتي يصعب معالجتها والحد منها لأنها تنتشر بسرعة كبيرة وهائلة
فيصعب السيطرة عليها عدا عن أن الانحراف سيكون في خدمة أشخاص محددة يتحكمون في هذا المجتمع
ويسعون إلى تغيير بعض المفاهيم والسلوكيات بحيث تصبح الناس تعمل لصالحهم دون أن تشعر
وليصبح في النهاية هذا هو نمط حياتهم الذين اعتادوا عليه.
