الحياة السعيدة في الإسلام
الحياة السعيدة في الإسلام يرغب بها الجميع، وربما تكون السعادة هي الهدف الأكثر طلباً في حياتنا.
هذا هو الهدف الوحيد الذي يسعى كل فرد منا لتحقيقه طوال حياته.
إن هدف السعادة والسكينة والصفاء وراحة البال والرضا والتحرر من الهموم والقلق هو ما يحرص كل منا على تحقيقه.
هناك طرق كثيرة لتحقيق الحياة السعيدة في الإسلام، وهي ذات منشأ ديني وطبيعي وأيضاً عملي، لكن السعادة الأسمى لا نستطيع بلوغها إلا بالجمع بينها جميعاً.
كيف نحقق الحياة السعيدة في الإسلام؟
- في ثقافتنا، يُعتقد عموماً أن السعادة يمكن تحقيقها من خلال تراكم الثروة المادية، شريحة من المجتمع تعتقد أن السعادة والطمأنينة ستتحقق نتيجة القوة.
- يعتقد البعض الآخر أن السعادة تتحقق من خلال الشهرة والتقدير.
- ومع ذلك، يعرّف البعض الآخر السعادة على أنها إرضاء كل رغباته الحسية.
يميل الماديون إلى تجاهل الجوانب الروحية والنظر إلى الحياة على أنها ليست سوى وسيلة لإرضاء أهواء الفرد ورغباته.
وهذا اتجاه شائع في الغرب أدى إلى هجر الدين.
السؤال هو، هل هذا سيجلب السعادة؟ الجواب على هذا هو حقاً بالنفي.
السبب الذي يجعل الناس يواجهون الكثير من المشاكل في تحقيق السعادة هو أن المعنى الحقيقي للسعادة لا يُفهم جيداً من قبل غالبية الناس الذين يسعون وراء السعادة.
هذا هو السبب في أن الغالبية تميل إلى تحقيق السعادة، وينتهي بها الأمر دون تحقيق السعادة الحقيقية.
على الرغم من تحقيقهم لجميع أهدافهم المحددة، إلا أنهم في الواقع ليسوا سعداء.
تكشف الإحصاءات أن أعلى معدلات الانتحار، ومعدلات الطلاق، والخلافات مع القانون، ومشاكل المخدرات، ومشاكل إعادة التأهيل هي دائماً متفشية في الأغنياء ونخبة المجتمع.
يطرح السؤال الرئيسي إذن ما هي الوسائل المفيدة للحياة السعيدة وما هو الطريق للوصول إليها؟
يتم تعريف السعادة بشكل شائع على أنها الشعور المستمر أو حالة البهجة والرضا والمتعة والكرم الناشئ عن الرضا عن النفس والحياة والاعتقاد بأنه سيكون للشخص مصير سعيد.
السعادة من المنظور الإسلامي لا تعتبر حالة وقتية أو آنية من الفرح والبهجة،
بل هي شيء مستمر طوال الحياة وتسعى بالأساس إلى بلوغ السعادة الأبدية وهدوء البال وطمأنينة النفس والرضا في الدنيا والنعيم الكامل في الآخرة.
يحاول الكثير من الناس المشي في طرق معقدة من أجل الوصول للسعادة.
ومع ذلك، لم ينجحوا في بلوغ المسار الأصح وهو الإسلام.
يمكن أن تكون سعيداً في حياتك عن طريق العبادة الحقّة، وبلوغ الأعمال الصالحة، والقيام بأعمال الزكاة أو التصدق على المحتاجين، ورسم البسمة على وجه الطفل.
وعيش الحياة الزوجية في الإسلام بسعادة، هذه الأمور يمكن لها أن تجعل قلوبنا سعيدة حقاً.
القناعة سر الحياة السعيدة في الإسلام:
في هذا المقال إلى شرح الوسائل والنصائح المفيدة للحياة السعيدة في الإسلام، فكما أدرك جميع من حاولوا العيش بسعادة، إنها الإحساس بالرضا والطمأنينة من الداخل.
لذلك، فإن مفتاح تحقيق الحياة السعيدة في الإسلام هو الاكتفاء والعمل على تحقيق سلام العقل والجسد والروح.
- كما أن القناعة هي إشارة على السعادة والاكتفاء الذاتي والطمأنينة، والقناعة تأتي من داخل القلب. قال النبي ﷺ : “من ذاق حلاوة الإيمان الرضا بالله ربه، والإسلام دينه، وبمحمد نبيه”. (صحيح مسلم 34).
- قال ابن تيمية عن القناعة: “القناعة أعظم باب يفتحه الله للعبد، وهي ينبوع طمأنينة المصلي والجنة في الأرض”. ومن لم يفتح له هذا الباب فلن يبلغ الجنة في الآخرة”.
- سر تحقيق الرضا هو أن نضع ثقتنا في يد مُنشئنا الذي يتولى كل شؤوننا.
ينبغي أن نؤمن بأن الله الرحيم يخطط لما هو خير لنا.
إن الحالة التي نحن عليها الآن هي أفضل حالة لنا، لو كان الأمر بخلاف ذلك، لما اختارها الرحيم لنا.
الثقة المطلقة بالله هي أصل القناعة، والقناعة من أهم مفاتيح السعادة.
- القناعة هي شروط أساسية للسعادة في الحياة، ولسوء الحظ، فإن معظم الناس لا يملكونها. إنه لمن المشجع أن نرى أن معظمنا قد وقع في هذا الفخ.
نحن نسير وراء المكاسب المادية بسرعة جنونية.
نحن عازمون على قيادة سيارات باهظة الثمن بما يتجاوز احتياجاتنا، ليس فقط من أجل الموثوقية، ولكن من أجل الهيبة.
الرغبة المستمرة في الحفاظ على مكانتنا وأسلوب حياتنا، وهو العدو الرئيسي للرضا، يخدعنا.
الشخص الثري هو الشخص الذي لا يشعر بالحاجة إلى شيء ما أو شخص ما في هذا العالم، بغض النظر عن مقدار ما يمتلكه من الناحية المادية والكمية.
لذلك فإن الشخص الراضي يكون ثرياً، لأنه لا يشعر أنه بحاجة إلى أي شيء آخر.
- القناعة تجلب السلام الداخلي والطمأنينة والسعادة في مجملها. القناعة ستقربنا من الله في الدنيا والآخرة.
كلما زاد رضا الشخص، قلّت المشاكل في حياته. لن يعاني المؤمن بالله أبداً من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق وما إلى ذلك.
كيف نحقق السعادة والرضا الأبديين؟
الحياة السعيدة في الإسلام، والرضا التام تحدث من عدة عوامل ولا نستطيع تحقيقها إلا عن طريق الموازنة بين الأمور المادية والروحية الحياتية،
فإذا أهملنا أحد الجانبين فسيكون هناك خلل، فالجانب الروحي مثلاً إن تم إهماله فسوف يكون هناك مرض روحي والعلاج بالطبع هو أن نؤمن بالله سبحانه وتعالى ونقبل بكل شيء سخره لنا.
هذا المرض الروحي، إذا تم تركه من غير علاج، فسوف يقود إلى عواقب كبيرة.
قال النبي ﷺ: ما من عبد مسلم يقول في الصباح والمساء ثلاث مرات: إني راض بالله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبي، إلا أنه يكون حقاً. والله أن يرضيه يوم القيامة “. (أحمد 18967)
تهدف السعادة الحقيقية في النهاية إلى أن يبارك الفرد حياة سعيدة في الآخرة.
هذه هي القضية النبيلة التي تدفع المسلم إلى السعي إلى الأفضل.
والمؤمن لا يؤمن بجمع ما يستطيع في الدنيا من مال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) (صحيح مسلم 2956).
إن المؤمن الذي يدرك النعم التي منحها الله عليه وسلمها، ويدرك بامتنان أن وجوده وجسده وروحه وعقوله وملكاته موهوبة له بدافع الكرم، يتحمس ليحتفي بحمد خالقه ويشكره.
مثل هذا المؤمن ينال الرضا والبركة واللذة الباطنية التي تفوق الوصف.
فيما يلي بعض الطرق والنصائح المفيدة للحياة السعيدة وتحقيق الهدوء والرضا:
- تعاليم الإسلام تؤدي إلى السعادة: تعاليم الإسلام لها تأثير كبير على المسلم الملتزم.
تتشكل أخلاقه وأخلاقه بأوامر الله فيتمتع بسلام عقله. حالة من السعادة الكاملة.
وكلما اعتمد المرء على خالقه وسيجد سجلاته السعادة الحقيقية.
- فالمؤمن الراغب يتوكل على الله، مما يترتب عليه في النهاية إبعاد همومه وكربه، وإعفائه من المرض العقلي والجسدي الذي يؤدي إلى راحة القلب وإسعاده.
- القلق على القوت هو سبب العديد من المشاكل في حياتنا، مما يؤدي بالتالي إلى حرماننا من السعادة.
يُعلم الإسلام أتباعه بألا يهتموا بالكفاف بما هو مضمون.
لذلك، يعتقد المؤمن الصادق أنه ما دام المرء على قيد الحياة، فإن الكفاف مضمون.
إذا أغلق الباب، فإن القدير، برحمته، سيفتح وسيلة أخرى، تكون أكثر نفعاً.
- من المحتمل أن تنقل تعاليم الإسلام المؤمن من دائرة السخط إلى مجال القناعة.
يصبح المؤمن على وعي بحقيقة أن الإسلام لا يأمر أتباعه بأن يكونوا رهباناً ولا أن ينأوا بأنفسهم عن الملذات الدنيوية،
على العكس من ذلك، فهي تلزم المؤمن باستغلال ما لديه من ممتلكات دنيوية بطريقة مشروعة للحصول على السعادة الحقيقية.
- الإيمان والعمل الصالح: هذا هو أكثر الوسائل لتحقيق السعادة والرضا.
- يلعب الإيمان دوراً حيوياً في حياة المؤمن ليجعله يشعر بالرضا عن الأشياء التي قدّرها له، من خلال هذا يمكن للمرء أن يتمتع ببركات هذه الحياة والبركة الأبدية في العالم الآتي.
- الإيمان بالله يساعد المؤمن على بلوغ السعادة الحقيقية. تقربه من الله، وتجعله يلجأ إلى الله تعالى عند مواجهة المحن، يستعين به في التخفيف من المشاكل التي يواجهها.
-
ومفتاح السعادة الاعتراف بقدرة الله وقبول قدرته.
إن طالب السعادة الحقيقية يعتمد دائماً على خالقه، الذي يحتاج إليه في كل شيء: إرشاده، وإعاقته، وتدبيره، وبركاته الجسدية والروحية التي لا تعد ولا تحصى.
- إذا كرس المؤمن اهتمامه لصقل قلبه، فإنه يشعر بمشاعر عظيمة من الرضا والسعادة ومشاعر النعيم.
- والغريب أنه إذا واجه عبد الله مشكلة، فإنه يلجأ إلى الله طالباً مساعدته، ولا يلجأ أبداً إلى الله لشفاء قلبه قبل أن يموت من الجهل والإهمال وإشباع الشهوات.
ونتيجة لذلك، يرتكب الكبائر دون أن يشعر بأي ذنب وبأهميتها أو تأثيرها.
- على المؤمن أن يبحث عن الأشياء التي تقربه من الله.
يلتزم الله بجميع أحواله، ويلقي نفسه بين يديه، فيرتاح من كل كرب وحزن، ونتيجة لذلك تصبح حياته طيبة.
الحياة الزوجية السعيدة في الإسلام:
تعال إلى الصلاة. تعال إلى النجاح.
لا يتعلق الأمر بالعثور على زوج مثالي أو زوج ثري أو زوج مسترخي. يتعلق الأمر بإيجاد من يحبك ويحب الله أكثر.
من يعشقك، ويعشق اتباع سنة نبينا الحبيب ﷺ أكثر. من سيفعل لك شيئاً لكنه لن يقبل بالحرام.
الذين سوف يحترمك ويحبك لكم ولكن لن يهمل تعاليم دينه بك.
قال النبي محمد ﷺ:
“حقًا، أولئك الذين يحبون بعضهم البعض سينظرون إلى غرفهم في الجنة كما لو كانت نجومًا لامعة في الشرق أو الغرب. فيقال: من هؤلاء؟ فيجيبون: هؤلاء أحبوا بعضهم بعضاً في سبيل الله تعالى.
الطريقة الإسلامية في الاقتراب من الأزواج مدهشة للغاية لأنها تجعلك تفكر بعقلانية وليس عاطفية فيمن تختار الزواج منه،
بسبب الاتصال المحدود بينكما. إنها تضع نفسها بين مسار المواعدة أو نموذج الزواج المرتب والمعروف.
لذا دعونا نفهم أن الزواج مقامرة، لا يهم مدى معرفتك لشخص ما، يمكنك أن تقع في الحب من الشخص المناسب.
لذلك عندما تقترب من الزواج على سبيل إرضاء الله، فإنه يبارك زواجك -فهو خالق الحب والعاطفة.
يعتقد بعض المسلمين من خلال مواعدة الزوج المحتمل، أنهم يحمون أنفسهم من الطلاق. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا ينتهي نصف زيجات غير المسلمين بالطلاق؟
إنها مغالطة كبيرة أن تعتقد أنك ستحصل على زواج ناجح بهذه الطريقة.
أخواتي، إذا كان هناك رجل يواعدك، يعدك بأنه سيتزوجك ويريد فقط التعرف عليك بشكل أفضل. إنه ذئب حاولي تجنبه وفعل الصحيح بما يرضي الله.
كن نفسك
الكثير من النساء يقعن في خطأ محاولة إرضاء الناس سواء كان ذلك الزوج أو العائلة الجديدة من الأصهار الأخوات أو الزملاء.
يأمرنا الله بطاعته حسب تقدير الآخرين، بغض النظر عن هويتهم، ونعلم أن أي شيء نضع له قيمة وأهمية أكبر سوف يكون سبب بؤسنا في النهاية. كن شجاعا بما يكفي لتكون أنت.
زواج قوي
كيف يبني الزوجان المسلمان زواجاً قوياً؟
أن تكون مجنوناً، عفوياً، خجولاً، مضحكاً، مبدعاً، عالي الصوت، هادئاً، ذكياً، سخيفاً، سعيداً، حزيناً، عاطفياً.
أن تكون على طبيعتك في عالم يحاول باستمرار أن يغيرك هو إنها من أصعب الأشياء في العالم، لكن هذه الضوضاء تصبح أكثر هدوءً وهدوءً عندما تقف بين يدي الله تعالى وتستعين به في كل شيء تقوم به سواء لتحقيق الحياة الزوجية السعيدة في الإسلام أو حياتك الدنيوية بشكل عام.
الحياة السعيدة للأستاذ أحمد أمين:
الأستاذ أحمد أمين يقول إنه لو عرضنا أصناف الناس، وطريقة عيشهم، وجدنا أنَّ العديد منهم يحيى حياة جافة جامدة باردة، يستيقظ من النوم، فيأكل، ثم يرتدي ملابسه، ويذهب إلى العمل،
حتى إذا جاء وقت الغداء يعود إلى بيته ويأكل، ثم قد يمارس بعض أعماله، ثم يجلس ويتحدث مع أصدقائه، أو غير ذلك،
ثم يرجع إلى بيته فَيجلس مع أهله أو زوجته وعائلته، ثم ينام، وهذا هو روتين حياته، يوم واحد يتكرر، وحياة واحدة لا جديد بها.
هذه هي الحياة أقرب ما تكون بحياة روبوت أو آلة، نعطيها غذاءها من فحم، أو وقود فتمشي على نمط واحد،
ثم يوقفها من يتحكم بها فتتوقف عن العمل، وهكذا أيامنا تستمر، بل هي أشبه بحياة الأنعام تأكل، وتعمل، وتنام، ولكن دعني لأخبرك إنَّ الإسلام لا يقبل بهذه الحياة.
وهناك صنف أضافوا إلى هذه الأمور الماديّة أموراً ثانية عقليةً، فهم خصصوا جزءاً لا بأس به من حياتهم لاستعمال عقولهم في أمور علمية،
أو حتى أدبية كطلاب الجامعة والباحثين في الأمور على اختلاف أشكالها، والعلماء الذين يتابعون كل شيء والذين يصرفون العديد من أوقاتهم في المباحث يدرسون ويجربون ويبحثون…
وهذه الطريقة من الحياة أرقى من طريقة الحياة الأولى؛ لأنها تجمع بين الحياة المادية والعقلية، وربطت بين السعادة المادية والسعادة الفكرية،
فهي في الواقع أجمل وأنفع وأسمى، ولكن رغم كل ذلك لا يرضى الإسلام عن هذه الحياة كذلك لأنه يلاحظ فيها جفافاً؛ لأنها خالية من القلب والعاطفة؛
ولأن أشخاصها كثيراً ما تصرفهم علومهم عن التفكير في ربهم، وإذا فكروا فيه فكروا بشيء من الإلحاد أو الإنكار، أو حتى عدم الاكتراث.
ولذلك عندما سئل رسول الله عن ناس في الجاهلية
جاؤوا بأعمال فضيلة من كرم وشهامة رفض أن يقول بأنها ذات قيمة، لأنها لم تصدر من المصدر الذي يرضاه الإسلام.
إنما يبتغي الإسلام حياة تحتوي على مادة وعقل وروح، وبعبارة ثانية إنَّ الإسلام يلاحظ أنَّ الإنسان مركب من عناصر متنوعة،
ولا يستطيع أن يصل إلى الحياة السعيدة إلاَّ إن أحيى حياة تطور كل عنصر من عناصره.
ولتوضيح ذلك نقول: إنَّ في الإنسان صفات كثيرة من النبات والحيوان والروح والشهوات والغرائز،
فهو كالنبات يحتاج للهواء والماء والضوء وأيضاً كالحيوان يتحرك كما يتحرك هو بإرادته وله أيضا غرائزه وشهواته وغير ذلك من الأمور،
لهذا تكون الحياة السعيدة للأستاذ أحمد أمين، أن السعادة الحقيقية في الإسلام يجب أن تجمع بين جميع هذه الأمور من عقل وروح ونبات وحيوان،
بشكل معتدل من غير إفراط ومن غير أن يطغى عنصر على الآخر،
وبالتالي فإن نقصان أحد هذه العناصر عند أي شخص لا يستطيع عندها تحقيق سعادته الحقيقية، وهذا هو أساس الحياة السعيدة في الإسلام.